أهمية دور المرأة في المجتمع





بقلم :أ. خالد الإبراهيم أبوثابت




بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية دور المرأة في المجتمع

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
  
    
لقد حرص ودأب بعض أعداء الدين من المستشرقين والمستغربين ، وبعض المأجورين ممن ينتسبون إلى هذا الدين اسماً ومولداً في بلاد الإسلام، دون أن يكون بينه وبين الإسلام أي ارتباط ، وممن ينتسبون إلى الليبرالية والعلمانية والديمقراطية ، الذين يتلذذون بالانبطاح للغرب المحتل للفكر والثقافة والجغرافيا، ويبيعون الوطن بمافيه بلا مقابل ويطلقون على هذا تحضّرا وتحرّرا.
وهؤلاء دأبوا على محاولة النيل من حصن الإسلام المنيع، ومن أكثر الأبواب التي طالما حاولوا الولوج منه للنيل من الإسلام قولهم: أن الإسلام ظلم المرأة، وهضم حقها، ولم يساوي بينها وبين الرجل، مع العلم بأنها نصف المجتمع، والنساء شقائق الرجال. فنادوا بالمساواة، وطالبوا للمرأة بالحرية، ونادوا بعدم فرض العنف بمستوياته عليها ، فما هي حقيقة هذه الدعوى، لا أريد هنا أن أكون مدافعاً عن الإسلام؛ لأنه ليس متهماً، ولا ضعيفاً يحتاج من يدافع عنه، ولكن أريد أن أضع بين أيديكم حقيقة هذه الدعوى، ومدى مصداقيتها. {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً}.
 
لابد لنا ـ وقبل الحديث عن وضع المرأة في الإسلام أن نذكر نظرة الشعوب والحضارات الأخرى إلى المرأة حتى تتبين عظمة الإسلام في نظرته للمرأة، ويظهر جلياً كيف كرمها وأنصفها:
-          عند الإغريق: كان الإغريق في أوج حضارتهم يعدون المرأة مخلوقاً وسطاً بين الرجل والحيوان، ولا تساويه في أي شيء، واستمرت هذه النظرة في أوربا إلى عقود قريبة.
-         عند اليونان: وأما عند فلاسفة اليونان فكانوا يعتبرون المرأة أفعىتحولت إلى امرأة، وكانت المرأة في أثينا تعتبر من سقط المتاع فتباع وتشترى.
-          وفي الإمبراطورية الرومانية: فهي رقيقة لزوجها، ولا حقوق لها على الإطلاق، وأنها لن ترث الحياة الأخرى، ويحرم عليها أكل اللحم والضحك، وفي فترة من تاريخ الرومان تم منعها من الكلام فوضعوا على فمها قفلاً من حديد.
-          وفي الهند: المرأة في بعض الديانات الهندية لا تعتبر كياناً مستقلاً، بل هي مخلوق تابع للرجل، إن عاش عاشت معه، وإن مات دفنت معه حية، أما شرائعهم القديمة فقضت أن الوباء والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأة.
-          أما عند اليهود: فالمرأة عندهم نجسة منجسة، لا تطهر مهما عملت، وإن كانت في حيضها فهي نجسة سائر أيامها، فإن صافحها زوجها أو لمسها تنجس سائر يومه، ومن يلمسه ينجس أيضا، وإن جلس على فراشٍ نجّسه. وهذا أمر لا دخل لها به، بل هو أمر كتبه الله على بنات حواء ، وقد صورت كتب اليهود المرأة على أنها لاقيمة لها، وهي عبارة عن مصيبة تحل بمن يقترب منها، ففي التلمود: ( كل من يمشي وراء امرأة يسقط في جهنم ) وفيه أيضاً : ( أصلح النساء مشعوذات ).
بل أكثر من هذا فقد نفروا أتباعهم من الأنثى، وجعلوها حسرة على أهلها وندامة ففي التلمود : (واحسرتاه على من كانت ذريته إناثاً ) وفيه ( الحمد لك يارب ياملك الدنيا، يا من لم تخلقني أنثى).
-         وأما عرب الجاهلية: فقد تنوعت معاملتهم لها:
1-     فتارة كانوا يدفنونها حية لا لذنب اقترفته كما قال تعالى: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت}.
2-     وتارة على أنها متاع يورث، وقال الزهري: كان من عادتهم إذا مات الرجل يلقي ابنه من غيرها أو أقرب عصبته ثوبه عليها فيصبح أحق بها من نفسها وأهلها، فإن شاء تزوجها بغير صداقها، أو زوجها وأخذ صداقها، أو عضلها حتى تموت فيرثها.
وهي عند بعضهم متاع ينتقل بالإرث من شخص إلى آخر.
بل لقد بلغ حد امتهان كرامة الجواري أن وضعوا في خيام جعل عليها أعلاماً حمراء ، يمارسن فيها البغاء مقابل المال، إما برضاهن، أو مكرهات على الفاحشة، وقد نهى الله في القرآن هذا العمل ونهى أولياءهن عن ذلك فقال: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً} ،أو يضيقوا عليها في العدة بجعل مدتها تصل إلى سنة، وجعلها تمر بصنوف من العذاب والهوان .
-         وفي الغرب (في العصر الحديث):
فإن لم تكن المرأة أسوأ حالاً مما كانت عليه في الحضارات السابقة وفي الجاهلية العربية، فهي ليست أحسن حالاً على الإطلاق.
فالمرأة في الغرب ـ في العصور الوسطى ـ كان ينظر إليها على أنها ليست إنساناً.
وفي فرنسا: عقد اجتماع سنة (586) يبحث شأن المرأة، وما إذا كانت تعد إنساناً؟! وبعد النقاش قرر المجتمعون أن المرأة إنسان، ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل.
وهكذا أثبت الفرنسيون ـ في هذا التاريخ فقط ـ إنسانية المرأة، تلك الإنسانية التي كان مشكوكاً فيها من قبل؛ ومن أجل هذا مر الزمن حتى عصرنا الحديث والمرأة الفرنسية محرومة من أبسط الحقوق التي منحت الشريعة الإسلامية المرأة المسلمة منذ أربعة عشر قرناً. وليس هذا مقتصراً على العصور الوسطى، بل حتى في القرنين التاسع عشر والعشرين لم تكن بأحسن حالاً مما كانت عليه، فما زالت لا قيمة لها، وليس لها حقوق معترف بها.
ففي بريطانيا حرم هنري الثامن على المرأة الإنكليزية قراءة الكتاب المقدس، وظلت النساء حتى سنة (1850) غير معدودات من المواطنين، وظللن حتى سنة (1882) ليس لهن حقوق شخصية، لا حق لهن في التملك الخالص، وإنما كانت المرأة ذائبة في أبيها أو زوجها.
وإذا كانت المرأة في الجاهلية تورث كالمتاع، ففي الغرب ـ وبعد عهد الجاهلية بقرون ـ كانت تباع بثمن بخس فهي سلعة يبتاعها الناس ويتم تداولها فيما بينهم ، يقول هربرت سبنسر في كتابه (وصف علم الاجتماع): إن الزوجات كانت تباع في إنكلترا فيما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر، وشر من ذلك : كان للشريف النبيل الحق بحد زعمهم -  في الاستمتاع بامرأة الفلاح إلى مدة أربع وعشرين ساعة من بعد عقد زواجها على الفلاح.
-         نظرة الغرب للمرأة اليوم:
ليست المرأة في الغرب اليوم في هذه الأيام وفي ظل ما يسمونه بزمن الحضارة الغربية، والتقدم والحرية للمرأة بأحسن حالاً مما كانت عليه في تلك الحقبة الزمنية، بل هي أسوأ ،ولعل بعض الناس يستغرب هذه المقولة ،ولكننا حينما ننظر إلى وضع المرأة في الغرب المعاصر نجد هذا واقعاً ملموساً ومشاهداً، وبنظرة موضوعية للمرأة في الغرب، فهي تتقلب في أحد هذه الحالات:
 إما بنت قاصر تتقاذفها أيدي الذئاب البشرية فتنهشها، ثم ترمي بها إلى الضياع والرذيلة،
أو زوجة كادحة لا تأوي إلى بيتها إلا وقد أنهكها التعب لتشارك الرجل في دفع أقساط البيت والسيارة وفواتير الماء والكهرباء ـ هذا إن لم يجعلها تعمل ويكون عالة عليها ـ وإن لم تفعل هذا فهي لا قيمة لها.
أو تكون أماً يقذفها أولادها بالنهاية في إحدى دور الرعاية الاجتماعية (مأوى العجزة).
وليس هذا فحسب بل ما زالت المرأة في الغرب تباع بثمن بخس، فهذه وسائل إعلامهم تطالعنا في كل يوم عن تجارة الرقيق لممارسة البغاء والفاحشة، ومعاملتهن أسوأ مما يعامل الحيوان.
إن أغلب المشكلات التي أضحت تودي بالأسر، في مجتمعنا وتدمر البيوت ناجمة إما عن تقليد المرأة المسلمة لنساء الغرب، وهي تنظر إليهن نظرة إكبار وإعجاب.
أو لكون هذه المرأة المسلمة قد ابتعدت عن الإسلام وتعاليمه ، وما شرع لها من الحقوق، وألزمها به من الواجبات؛ لأنها فتنت بإغراء أعداء الإسلام، أو من تسموا بأسماء المسلمين، الذين سولوا لها أن الإسلام هضمها حقها وظلمها.
وأنا بهذا لا أبرئ الرجال وأتهم النساء ، فإن كثيراً من المشاكل يكون الرجل هو السبب وتكون المرأة صالحة، ولكنه تأثر بفجور الغرب ، وقلة الشرف والمروءة والأخلاق والتجرد من عاداته وتقاليده ومحيطه الذي تربى فيه وعاشه في هذه البيئة الإسلامية .
هذا هو حال المرأة عند غير المسلمين، وأما في التشريع الإسلامي فقد نالت كل تكريم وعناية.
       المرأة في الإسلام :
أولاً : كرمها في الخَلق والتكوين:
فقد بين القرآن الكريم أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ خلقها كما خلق الرجل من سلالة من طين، وليس كما يزعم البعض من الأمم السابقة واللاحقة من غير المسلمين على أنها ليست من جنس الإنسان، أو أنها غير كاملة الإنسانية، ثم جعلها الحق ـ سبحانه ـ مع الرجل أساساً للحياة البشرية واستمراريتها، والأعظم من هذا أن جعل التفاضل بينهما عنده على أساس التقوى، قال الله تعالى {يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمك عند الله أتقاكم}.
ولقد ضرب لنا ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ أروع الأمثلة على التفاضل بالإيمان والتقوى {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين * ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين}.
ثانياً : كرمها بالتكليف:
بأن جعلها مكلفة بالعهد الذي أخذه على بني آدم، وكلفها بعبادته، كما كلف الرجل بذلك {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}.
ثالثاً : كرمها بقبول عملها :
لقد بشر الله الإنسان دون النظر إلى جنسه، ذكراً كان أو أنثى، قال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}.
رابعاً : كرمها قبل إنجابها :
وذلك حين أمر الزوج الذي يريد إنجاب الأولاد أن يختار لهم أماً صالحة، ويكون اختياره على أساس الدين والخلق، وذلك في غاية الأهمية؛ لأن الأم هي القدوة للأولاد، وخاصة الإناث منهم، فقال تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”فاظفر بذات الدين تربت يداك“.
ولم يكتف الشارع الحكيم بالأمر باختيار الأم، بل أمر أهل البنت أن يختاروا لابنتهم زوجاً صالحاً؛ لأن صلاح الأب له دور كبير في صلاح الأبناء من ناحتين:
 الأولى: أنه ينبغي أن يكون قدوة لأبنائه وبناته باتباع شرع الله ، والابتعاد عن ما نهى الله عنه.
الناحية الثانية : ما أثبته الطب الحديث من أن الجينات تؤثر في تكوين اغلب الأبناء سلباً وإيجاباً.
خامساً : كرمها بعد ولادتها :
وذلك بالنهي عن وأد البنات ، وانكر أشد الانكار على من كان يفعل ذلك {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت}، بل نهى عن ما هو أقل من الوأد، وهو الحزن لقدوم الأنثى،
وأما بقوله صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة
سادساً : كرمها في صباها :
بأن أعطاها كامل الحرية والاستقلالية في التصرفات المالية من مهر وميراث وغيره مما تملك، وأمر الإسلام الأب أن لا يفرق في الأعطيات بين أبنائه الذكور والإناث في حياته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يُؤثر ولده عليها ـ قال يعني الذكور ـ أدخله الله الجنة“.
وأعطاها حق التعلم والتعليم، فهذه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تضرب أروع الأمثلة على ذلك، حتى كانت تعد من فقهاء الصحابة.
وأعطاها حرية السؤال عن ما يهمها، ومنحها حرية المراجعة فيما تسأل
وجعل لها حق الموافقة على شريك حياتها فقال صلى الله عليه وسلم: ”لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يارسول وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت“.
وقد أولاها الإسلام أعلى درجات المودة والاهتمام والتقدير، عن أم المؤمنين عائشة: ”ما رأيت أحداً أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها، وقام لها، فأخذ بيدها، فقبلها وأجلسها في مجلسه“.
سابعاً : كرمها وهي زوجة :
بأن جعل لها حقوقاً ، وأوجب عليها واجبات، وقد يستغرب من يقرأ كلامي من قولي، ويقول: هذا بالنسبة للحقوق تكريم، ولكن كيف يكون تكريماً بالواجبات؟!
أقول: نعم التكليف تكريم لها؛ لأن الإسلام حين كلفها بالواجبات وألزمها بها نظر إليها على أنها كيان له دوره في المجتمع، وينبغي أن تكون عنصراً فاعلاً في هذا المجتمع الذي تعيش فيه بتحملها للمسؤولية التي حملها الله إياها، فتشعر بقيمتها وأهميتها في هذه الأمة.
وكرمها حين أولاها مسؤولية تربية الأولاد وتنشئتهم؛ لأن الأولاد هم أمل الأمة، وعمادها في المستقبل المنشود، بل لقد جعلها الإسلام موضع ثقة في ذلك.
وكرمها بمنحها فرصة إبداء المشورة والأخذ برأيها إن كان سديداً وحكيماً، كما فعل النبي الأكرم في كثير من المواطن
وكرمها حينما أعطاها حق الاستمتاع بالحلال، دون المساس بكرامتها وعفتها، أو اعتبارها خلقت للجمال وإعطاء المتعة للرجل .
ثامناً : كرمها وهي أم وجدة :
هناك آيات وأحاديث كثيرة في الحث على بر الوالدين، ولكن يكفي أن نعلم أن الله تعالى جعل بر الوالدين والإحسان إليهما يأتي في المرتبة الثانية بعد توحيد الله تعالى وعبادته {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} ونهى عن أقل إساءة لهما، ولو كان ذلك مجرد كلمة تأفف {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً}، ولعل بعض الناس يقول: أين الميزة للمرأة، فهذا للأم والأب معاً ؟! أقول: لو لم يكن هناك ميزة للأم في البر والإحسان عن الأب لكفى الإسلام فخراً أن يكون أول من ساوى بين الأم والأب في الإحسان والبر، ولكن الإسلام أعطى الأم مكانة أعلى في البر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يارسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟! قال: أبوك.
لابد من النظر في نماذج المرأة التي يدعوا الليبراليون والعلمانيون للإقتداء بها تحت شعار الحرية والتحرر. حرية لا تتعدى تعرية الجسد والاختلاط بالرجال والأجانب والانفتاح المذموم مع ثقافة الغرب المتبجح في الديمقراطية ، لتصبحي مجرد أداة بمدة صلاحية معينة، تحمل نفس أثقال الرجل وتحاسب كما يحاسب الرجل! في حين خلقها الله سبحانه وتعالى بتركيبة فسيولوجية مختلفة لأجل أداء أدوار لا تقل أهمية عن دور الرجل، فهي شقيقته! ثم كيف وهي تقف في نصف مشهد الصراع اليوم وتستهدف من جميع أعداء الإسلام بلا جدال، أوليس هذا لأنها نبض هذه الأمة وقلبها ورحمها التي ستلد الأجيال الفاتحة والناصرة لدين الله.
حرية المرأة في الدول الليبرالية وغيرها :
لقد شاهدت المرأة الغربية التي يدعون للإقتداء بها، تعمل مثلها مثل الرجل في حفر الأرض وتصليح قنوات التصريف الصحية وتجهد وتعرق! أهذا هو مشهد المساواة الذي تنادي به الليبرالية؟!
لقد رأيناها تلهث وتركض لتأمين عيشها وتتحمل التكاليف الثقيلة كواجب لا مناص لها منه طيلة عمرها تحلم بأيام العطل ولا تستطيع أن تنعم بها وإن كانت متزوجة ، أهذه الحياة الكريمة التي يدفعونك إليها!!؟؟.
فهي تستأذن زوجها في العودة إلى البيت بعد يوم ثقيل شاق خشية أن تحرجه مع عشيقته التي تعلم جيدا أنها هناك معه، تستغل غيابها للقاء زوجها ثم تستسلم هي لواقعها المرير ولا تجرأ على الانتقاد، كل هذا يدخل في الحريات!
في حين ان الرجل في الغرب يتوقف عند دفع الفواتير الشهرية ينتظر أن تسد المرأة نصف الفاتورة بدون أدنى رحمة وهو الواجب عليها فعله رغم أنفها ليس الإحسان! فأي ذلّ يدعوننا إليه الليبراليون في حين أعزنا الإسلام بخير منه!
وحين تصل المرأة سن الخمسين تذرف الدموع تشتكي الوحدة والجفاء، لقد أمضت عمرها راقصة،ولم تفلح في أي علاقة مع رجل، كل الرجال كانوا يستغلونها كمحطة لا يتعدى وقتها أشهرا معدودة ثم يتخلون عنها حتى تقدم بها السنّ وتفرقوا عنها.
لقد سمعنا قصصا كثيرة وكيف يتحرش الرجال بالنساء في أرقى الشركات والمؤسسات ومن أشهر الشخصيات والمقامات، ودونك الفضائح التي تنشر عن رؤساء الدول والوزراء والأطباء وهلمّ جرا، كذلك شاهدنا بألم كيف يستدرج ثلاث رجال امرأة مختلة عقليا ويختفون بها ساعات لتعود مغتصبة مهانة ولا يلومهم أحد! أفبعد فتح الباب على مصراعيه في العلاقات بين الرجال والنساء نشاهد المجتمع الغربي لا زال يعاني من التحرش والاغتصاب! فماذا فعلت الحريات؟؟
لقد رأينا رجلا يجر امرأة مربوطة بسلسلة حول عنقها وتمشي على أربع وهي عارية كالكلب! وفي موقف قطارات مكتض بالبشر! ولا أحد يصرخ يستنكر هذا الانحطاط وهذا التخلف.
المرأة المسلمة المحافظة والطُعم والفخ الخبيث :
وحقيقة الامر بدأ هؤلاء المرجفون يدسون السم في الطعام وللأسف فقد ابتلعت بعض نسائنا الطعم ولهثن خلف سجن الروح البشرية والاستعباد الذي يستدرجونها إليه، فقد شاهدنا وسمعنا عن بعض المسلمات اللاتي ما إن وطأن أرض الغرب حتى نزعن الحجاب وقصرن من طول الثياب وأخذنا يقدمن التنازلات بعد التنازلات لعلهن يفزن بمنصب عمل مغري أو يكسبن قلوب الغرب  أو يندمجن اندماجا كاملا في مجتمع الغرب، ولكن للأسف مرت السنون ولم نر إلا الظلام يكسو ملامح وجوههن والخيبة تغلب على طموحاتهن ، بل رأينا كثيرا من نساء الغرب  يستهزئن بهن ويزدرينهن ذلك لأنهن تنازلن عن مبادئهن بلا ثمن وبلا إكراه وبلا أدنى اضطرار، لأجل تحقيق حلم بائس خسرن أنفسهن ولم يحققنه فكان حالهن أشبه بمن يلهث خلف سراب في صحراء قاحلة.
إن مشكلة المفتونات بالغرب الزائف من نسائنا أنهن لا يقبلن حقيقة أن الغرب مخطأ تماما في أسلوب حياته ومفاهيمه وأن اختلاف التركيبة الفسيولوجية بين الرجل والمرأة تجعل من الظلم المساواة بينهما في كل أدوارهما ووظائفهما التي بالأصل يجب أن تكون متكاملة لا متشابهة في هذه الحياة.
كما أنهن لا يعرن اهتماما لحقيقة الانجذاب بين الرجل والمرأة وتهوّنَّ من الأمر على غرار أساتذتهن في هذا الضلال الليبراليون، فلا يجيبون على أسئلة صعبة كسبب تصاعد نسب الأمراض الجنسية في مجتمعات الغرب وكانتشار الأيدز بمعدلات مخيفة وكفساد المجتمع وتفكك الأسر بسبب الزنا وزيادة نسبة الأطفال بلا آباء فضلا عن ارتفاع نسبة الانتحار عند النساء وتناول المخدرات والإسراف في شرب الخمر!.
ثم هم يريدون أن يرسموا صورة الإسلام كمجتمع ذكوري فقط وينسفون دور وحضور المرأة وهذا افتراء آخر، فالحضور النسائي في التاريخ الإسلامي كفيل برد هذه الأكاذيب والافتراءات وحافل بذلك.
وعليك أن تدركي أيتها الحرة الأبية بإسلامها، أن الليبرالية تجعل من المرأة مجرد أداة نفعية يتعامل معها بشكل مادي شهواني، تستغل نفسيا وماديا بأبشع الصور. ويكفيكِ أن تشاهدي كيف تباع السيارات والسجائر وحتى أبسط المنتجات وإن كانت دنيئة بعرض امرأة عارية بجانبها في الإعلانات الإشهارية، ازدراء لها ولأنوثتها الرخيصة.
وتأكدي تماما أيتها المسلمة الحرة، أن النساء اللاتي اخترن أن ينزلقن في مستنقع الدعوات الليبرالية يعانين انفصام شخصية مزمن، يعانين من ضيق وحرج في نفوسهن وإن كن يكابرن لإخفائه، إنهن لم يتمكنَّ أبدا ومطلقا من الاندماج الكامل مع المجتمع الغربي مهما مكثن في الغرب ومهما تمسّحن بثقافة الغرب، وفوق ذلك لم يتمكنّ من البقاء على أصلهن الذي هجرنه بإرادتهن فصرن معلقات في الهواء، بلا هوية وبلا أصل تتقاذفهن الأهواء ويضيعن سنين عمرهن لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، إنهن يعشن غربة ظلماء تعمدن إخفائها بالتمادي أكثر في طريق الخطأ وبالعناد وهذا هو الغبن بعينه.
فكيف يمكن لمسلمة عزيزة أن تتعايش مع انحطاطات المجتمع الغربي الفكرية، ومخالفاته الفطرية، تدفعها دفعا لتوسيع العلاقة بينها وبين الرجل، باسم الحرية بينما تؤمن هي بدين يحفظ المرأة من الزنا ومن الابتراز؟!
لقد سمعناعن طالبات تركن مقاعد الدراسة في بعض الاختصاصات فقط لأنها لا تناسب المرأة المسلمة، حين طُلب منهن رسم أجساد عارية تماما لطلبة أمامهن بحجة التعليم والفن! لقد اشمأزت فطرتهن من هذا الانحطاط الذي يلبسونه ثوب الحضارة وهي منه براء!
إن احتياجات المرأة المسلمة تختلف تماما عن احتياجات المرأة الغربية فكيف يمكن أن تطبق الليبرالية هذه المطالب على مسلمة ؟
كيف تقبلين أن تكوني ضحية دعوات الغرب الذي يحترم حق الغانية في العري ولا يحترم حق العفيفة في الستر، ما يعكس مشهد عنصرية بشع لا حرية كما يزعمون!.
إن الحرية لديهم هي فرض العري عليك! فأي حرية هذه التي تفرض علينا ما يريدونه هم؟!
إن الحقيقة التي تحاول إخفاءها دعاوي الليبرالية هي أن هوسهم الجنسي قادهم إلى اللهث خلف تعرية المرأة ولم يغظهم أمرُ مثلَ حرص الإسلام على ستر المرأة لتحصينها وحفظها من أمثال هؤلاء المهووسين فكان كل هذا الحقد.
وخلاصة القول - إن المرأة المسلمة اليوم هي الزوجة، وهي الأم، وهي المربية، وهي المعلمة وهي ربة البيت وكنز الأسرة المسلمة،  وصانعة الحضارة والأجيال ، بعكس المرأة الغربية التي يغلب عليها وعلى حياتها الطابع المادي النفعي السلعي ،وتنتهي أيامها في دور المسنين الباردة والعقد النفسية.
والواجب على المراة المسلمة أن تتمسك بالإسلام الذي هو حصنها وسكنها ومستقبلها ولن تر نورا في غير دربه، وإياكِ والانبهار بغرب كافر فاجر فوالله إنه الوهم وإنه السراب الذي يزينونه لكِ في حين أنه لم يحقق سعادة لنسائهم ولا حريّة ولا رقي روحي معنوي وجسدي لهن ، بل اركلي هذه الدعوات بقوة وارفعي هامتك تيهاً وفخراً فأنت المسلمة الحرة الشامخة العزيزة
.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التضليل الإعلامي وآليات السيطرة على الرأي

العصبية القبلية وخطرها على الثورة