بقلم : أ. خالد الإبراهيم أبو ثابت
بسم الله الرحمن الرحيم
هل نصرنا في وحدتنا ؟
إن الله
سبحانه وتعالى قد مَنََّ علينا بأن جعلنا أمةً مسلمةً، ثم من أمة محمد"
صلى الله عليه وسلم "ثم من أهل السنة والجماعة،وثم من بلاد الشام ومن
سورية، ومن ثم جعلنا من الثوار المجاهدين في سبيله، وهذه نعمٌ من الله كثيرة، وهذه
النعم تتطلب مزيداً من الشكر،ومن شكرِ الله على هذه النعم أن نكون أمة موحدة ذات
أهداف سامية، ورسالة سماوية، وحضارة نفتخر بها وفيها بين الأمم، وهي الأمة التي
تتميز من بين الأمم بخصائص كثيرة، تأهلت بسببها أن تكون خير أمة أخرجت للناس، وهي
أيضا أمة التصحيح والتقييم للأخطاء التي وقعت فيها الأمم السابقة، فكيف لها أن تقع
فيما وقعت فيه الأمم السابقة من الاختلاف والتفرق والاقتتال ، وبالتالي يلحقها من
الإثم واللوم والسقوط ما لحق بالأمم السابقة، وهذه الأمة مطالبة بقيادة العالم كله
وبحل مشكلاته، لأن دواء تلك المشاكل لا يتوفر إلا عند هذه الأمة وحدها دون غيرها
من الأمم، وذلك الدواء هوكتاب الله يقول تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "
وحتى تتفرغ الأمة لمشكلات العالم فلا بد وأن تحل
مشكلاتها أولاً وقبل كل شيء، وعليها أن تعتبِر بالأمم السابقة وما حل بها بسبب
الاختلاف والتفرق والحروب والاقتتال من السقوط والانهيار والزوال، وقد حذرنا الله
من ذلك بقوله "ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ".
أمرغير وارد وغير طبيعي عند حصول مثل هذه الأحداث
والمشكلات التي تحصل في ريف حلب الشمالي خاصة وفي سورية عامة وفيها تتباين الآراء،
وتتفاوت المواقف،وتختلف الأفكار والمرجعيات، وتذهب الظنون بالبعض كل مذهب.
إن المقصود بهذا الكلام هو الصنف الذي يشق الصف
والوحدة والشرعية ويخرج على مااتفق عليه الشعب هنا واعتصم، ولا يقرأ الواقع ويحلله ويفهمه الفهم الصحيح
الواعي الخائف على ثورته ومكتسباتها وعلى شعبه المسكين المظلوم المكلوم ، وبين
هؤلاء وأولئك آخرون قد يجزمون بأنهم المعنيون بهذا الكلام لكثرة ما يدور حولهم من
الإشاعات في تفريق الصف وتمزيق مكونات الثورة وشعبها ومقدراتها ومناطقها.
نقول لأولئك الإخوة جميعا حتى لا تذهب بكم الظنون
كل مذهب ولا نعني بكلامنا هذا منطقة دون أخرى،أو فصيل دون آخر ،أو تكتل دون آخر
وإنما هنا نعالج مشكلة استفحل أمرها،
واستعصى علاجها، وهي هذا الخلاف الذي مزق جسد هذه الأمة وهذا الشعب 'هذه الثورة المباركة التي طال زمن ووقت النصر فيها إلا
بهذه الأفعال وهذه المشكلات التي نفتعلها سواء بفعل فاعل داخلي أم بخارجي وبهذا
نقطِّع أوصالها،ونشرذم جماعاتها وثوارها ونضعف قوتها، ونجرعليها كثيراً من الويلات.
ولكن صاحب المخالفة يعلم ما تنطوي عليه سريرته،
فيتوجس خيفة من كل حدث،ولهذا بقي هؤلاء في المجتمع السوري الثوري وجلين خائفين من
أن تنكشف حقائقهم للناس وينكشف عوارهم وزيف ادعائهم وعملهم.
توحيد الكلمة والصف من أوجب الواجبات
إن توحيد صف المسلمين ليس ترفا ولا سنة يأخذ به من شاء ، ويتركه من شاء بل هو فريضة من فرائض الإسلام، وكلية من كلياته، وتركه مع القدرة عليه كبيرة من كبائر الذنوب، يؤاخذ به في الدنيا، ويعاقب عليها في الآخرة يقول تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " وفي قوله " ويتبع غير سبيل المؤمنين " دليل على أن للمؤمنين سبيلا واحدة يسيرون عليها ويوالون فيها ويعادون عليها، وهذه السبيل هي التي وصى الله بها عباده في كتابه " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " وهذه السبيل هي التي أمر الله نبينه أن يعلن بها على الملأ بأنه سارٍ على تلك السبيل " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ". ومن حاد عن ذلك الطريق البين معالمه المرسوم لهذه الأمة فإنه متطفل ومتسلط ومتسلق عليها، وليس منها حقيقة، يقول تعالى " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون وقوله صلى الله عليه وسلم " لاتباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ".وكل هذه منهيات يجب على المسلم أن يبتعد عنها ما أمكنه ذلك لما تؤدي إليه في النهاية من الاختلاف والتفرق والاقتتال ، فإن كان قد وقع في شيء منها فليسرع إلى التوبة منها بالرجوع إلى أخيه المسلم بالتصالح والتفاهم.
توحيد الكلمة والصف من أوجب الواجبات
إن توحيد صف المسلمين ليس ترفا ولا سنة يأخذ به من شاء ، ويتركه من شاء بل هو فريضة من فرائض الإسلام، وكلية من كلياته، وتركه مع القدرة عليه كبيرة من كبائر الذنوب، يؤاخذ به في الدنيا، ويعاقب عليها في الآخرة يقول تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " وفي قوله " ويتبع غير سبيل المؤمنين " دليل على أن للمؤمنين سبيلا واحدة يسيرون عليها ويوالون فيها ويعادون عليها، وهذه السبيل هي التي وصى الله بها عباده في كتابه " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " وهذه السبيل هي التي أمر الله نبينه أن يعلن بها على الملأ بأنه سارٍ على تلك السبيل " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ". ومن حاد عن ذلك الطريق البين معالمه المرسوم لهذه الأمة فإنه متطفل ومتسلط ومتسلق عليها، وليس منها حقيقة، يقول تعالى " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون وقوله صلى الله عليه وسلم " لاتباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ".وكل هذه منهيات يجب على المسلم أن يبتعد عنها ما أمكنه ذلك لما تؤدي إليه في النهاية من الاختلاف والتفرق والاقتتال ، فإن كان قد وقع في شيء منها فليسرع إلى التوبة منها بالرجوع إلى أخيه المسلم بالتصالح والتفاهم.
وهذا مايجب الابتعاد عنه في ثورتنا، ولنبتعد عن من
يدس لنا السموم فيها تارة باسم الدعم وتارة باسم المال وتارة باسم التكتل
اللاحقيقي وتارات وتارات وقعنا بها ظنا منا أننا نحسن صنعا ونقدر على الفكاك
والخلاص من الفخاخ التي نصبت وتنصب لنا إلى يومنا هذا.
وإذا كان التباغض بين الأخوين المسلمين في أمر من أمور الدنيا قد يؤدي إلى عقوبات دنيوية وأخروية عظيمة فما ظنك بالاختلاف والتفرق بين المسلمين في أمر من أمور الدين،وكيف مع الاستمرار على التفرق والاختلاف والاقتتال لشهور بل لسنوات.
وإذا كان التباغض بين الأخوين المسلمين في أمر من أمور الدنيا قد يؤدي إلى عقوبات دنيوية وأخروية عظيمة فما ظنك بالاختلاف والتفرق بين المسلمين في أمر من أمور الدين،وكيف مع الاستمرار على التفرق والاختلاف والاقتتال لشهور بل لسنوات.
وهنا ندلل على وجوب توحيد الصف والكلمة والجهود وأن
تكون للثورة السورية مرجعية دينية ومدنية وعسكرية وحكومة ودولة جامعة ينضوي تحتها
كل من في الثورة السورية مدنيين وعسكريين، تحظى بالاحترام والقبول والدعم،
●
ونبين كذلك
حرمة التفرق والاقتتال من خمسة وجوه باختصار.
الوجه الأول
: هناك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة جاءت بالأمر
بتوحيد الصف ووجوب السعي إليه منها قول الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا" والأمر من
الشارع يحمل في أصله على الوجوب، إن لم تكن هناك قرينة صارفة عنه، بل وهنا قرائن
كثيرة تدل على أن تلك الأوامر للوجوب كما تفيد تلك النصوص المتوعدة بالعذاب العظيم
لمن تفرقوا في دينهم، وصاروا فيه شيعًا. وإذا كان الأمر كذلك فعلى المؤمن وجوبا أن يستجيب لله في القيام بذلك الواجب
كما يستجيب له في بقية الواجبات كالصلاة والزكاة والصوم والجهاد بل إن كثيراً من
الواجبات لا يمكن القيام بها إلا بتوحيد الصف كالجهاد والأعياد والجمعة والجماعات.
وتوحيد الصف قبل أن يكون واجباً هو سمة من سمات هذه
الأمة، وشعيرة من شعائرها، يؤدون الواجبات جماعة، ويقاتلون أعداءهم صفا، اقرأ هذه
الآيات وانظر إلى تلك المميزات لهذه الجماعة "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم
الله إن الله عزيز حكيم " أي أنهم أمة والأمة تكون واحدة موحدة بذاتها ومؤتلفة بين مكوناتها وعناصرها
من دون الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر جماعة، ويقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة جماعة، ويطيعون الله في امتثال ما أمرهم واجتناب ما نهى عنه جماعة، وهم
كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
فما دام
الدين واحداً فلا وجه للتفرق فيه " إن هذه أمتكم أمة واحدة " أي دينكم دين واحد، والدين يوحد ولا يفرق، ومن أتى بالتفرق فيه فمنه وإليه.وكلّ ما ُيخّل بوحدة الصف وجمع الكلمة والظهور بمظهر
الأمة الواحدة ظاهرةٌ مرَضِيّة طارئةٌ على الأمة يجب معالجتها فوراً.
الوجه الثاني : أن هناك نصوصاً
كثيرة نهت عن الفرقة والتفرق في الدين ومن ذلك قول الله تعالى "
أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه "
وقوله تعالى"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم
البينات ".والله عز وجل
في هذه النصوص نهى هذه الأمة وجميع الأمم السابقة عن التفرق والتشرذم في
الدين،والذي يتشرذم ويتفرق في الدين فهو من باب أولى متفرق بالفكر والاعتقاد
والسلوك وفي عملية بناء الوطن والدولة وكل فرقة لها فكرها وأسلوبها في عملية
البناء هذا إن أرادت البناء، فكيف سيخرج بناء هذا الوطن وهذه المؤسسات إن كان من
يبنيها بحاجة لبناء سليم من الداخل فكرا وعقيدة وعلما وسلوكا ومظهرا ووحدة .
والنهيُ
يقتضي التحريم أي أن المتعاطي لأسباب الخلاف والهدم الاجتماعي والمؤسسي والمتمادي
فيه يقع في الحرام، ويكون به آثما يستحق العقاب إن لم يتب منه، وعلى الإنسان
المؤمن الثائر المجاهد أن يجتنب الخلاف وأسبابه كما يجتنب سائر المحرمات والمنهيات
كالكذب والزنا والسرقة لأنها كلها محرمات ومن كبائر الذنوب.
الوجه الثالث
: أن الله عزوجل رتب العذاب العظيم على الاختلاف في
الدين والتفرق فيه وتفريق المسلمين وجعلهم أمما وشيعا وجماعات وفصائل ومناطق
وتكتلات كما في قول الله تعالى" ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب
عظيم " فهذا الخطاب
موجه لهذه الأمة ولكل مسلم وتحذير لها من أن تقع فيما وقعت فيه الأمم السابقة،
فيحل عليها من العقاب ما حل بالأمم السابقة من العذاب العظيم، ولا شك أن الذي يؤدي
بالناس إلى أن يحل بهم ذلك العقاب ـ وهو الاختلاف في الدين ـ يكون محرما يجب على
الجميع الكف عن قليله وكثيره .
الوجه الرابع
: ما ينبني ويترتب على تركه والإخلالِ به من المفاسد
العظيمة،والمشاكل الكبيرة والمخاطر المحدقة، ومنها الفشل في بلوغ الأهداف في
الدنيا، فكيف لنا أن ندعوا الله أن ينصرنا ويخلصنا من أعدائنا ونحن نسلم أنفسنا
بهذه الأعمال الخبيثة إلى أعدائنا، وحلول العقاب على المقصرين فيه يوم القيامة،
ناهيك عن الآثار السلبية التي يخلِّفها الاختلاف في المجتمع من التقاطع والتدابر
والأحقاد والعداوات والحروب الطاحنة وتمزيق للأمة وللشعب وللوطن وللموارد، وما
ينتج عنه من الضعف والوهن للأمة للثورة يتربص بها اعداؤها ينهشون من عناصرها
ومكوناتها المتفرقة النائية القاصية المتقاتلة ، وإلى هذا تشير الآية الكريمة "
ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"
فالتنازع يؤدي بالمجتمع بشكل عام إلى الفشل في كل
الميادين العسكرية والمدنية والمؤسسية والاقتصادية والفكرية والعلمية ووو..
غيرها الكثير، ويقضي على قوتها حتى تصير في النهاية
لقمة سائغة للأعداء .
الوجه الخامس
: يجب على الأمة وحرصا على توحيد صفها أن تأخذ على يد
الظالم لنفسه ولمجتمعه وأمته وشعبه وثورته وكل من يريد أن يشق صفها حتى يرجع عن
غيه وإفساده في الأرض ، ويفرق كلمتها، وهذا فيما إذا لم تُجدِ الوسائلُ الأخرى في
ردعه عن ذلك سبيلا من مد يد العون له في التخلص من الهوى والنفس الخبيثة والأفكار
المجنونة وأن تعلمه وتثقفه وترشده إلى الوحدة وإلى جمع الكلمة والعمل الواحد لصالح
العموم، وأن وتبين له مخاطر هذه الفرقة والشقاق .
وهذا قليل
من كثير مما يحدثه التفرق والاختلاف في المجتمع المسلم في الحال والمآل، ومن تدمير
للشعوب والأوطان والمقدّرات، وهل يشك عاقل بعد هذا في حرمته وحرمةِ كل ما يؤدي
إليه من الأسباب.
وهذا في مجالنا اليوم ومن نازلة حلت في الريف
الشمالي من الفرقة والتربص وإفشال المشروع الوطني الجامع ومن بعد اجتماع الناس
عسكريين ومدنيين والتفافهم حول الحكومة السورية المؤقتة وإعطائها الشرعية الداخلية
من أبنائها ومن فصائلها ومن شعبها لكي تكون قوية في الخارج تدعم وتساند وتكافح
وتنافح وتناضل من أجل قضية عادلة في معتركات السياسة والعلاقات الدبلوماسية
والتحالفات وغيرها وخاصة في مسألة الاعتراف بها كممثل عن الثورة السورية والشعب
السوري الحر.
وجوب السعي إلى توحيد الصف
يجب على كل واحد منا يشعر بالمسؤولية أمام الله في هذه الأمة المنكوبة والشعب المكلوم المظلوم والتي شُلِّت نهضتُها بتفرقها واختلاف كلمتها، حتى تكالبت عليها الأعداء، أن يسعى حسب طاقته إلى توحيد الصف إذ لا يمكن القيام بأي مشروع من استرداد حق من حقوقها ومن نيل حريتها وكرامتها ونصر ثورتها وبناء دولتها إلا بتوحيد الصف، وهو شرط لنجاح أي عمل، ولهذا فإن معظم الواجبات فرضت في المدينة المنورة كالجهاد والصوم لتكوُّن جماعة موحدة قادرة على حمل تلك الواجبات، في حين أنهم لما كانوا بمكة كان يقال لهم " كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فكما أن توحيد الصف واجب كذلك السعي إليه واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والوسائل لها حكم الغايات، والله أمرنا بالسعي إليه في كتابه بقوله " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" فالأُخوَّة الإيمانية إن تحققت تمنع أن يكون بين الأخوين في الإيمان تنافر لأن ذلك ينافي مقتضى الإيمان الذي اتصفوا به دون الناس والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذهب بالأخوة الإيمانية إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر الأخ المؤمن بالنسبة للآخر جزءاً لا يتجزأ من جسده فقال النبي صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " فكما لا يعقل أن يكون الجسم الواحد مختلفا ومتنافرا فكذلك المفترض أن لا يكون بين المسلمين تنافر واختلاف، فـ " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ..." فمسؤولية المسلم والإنسان القائد والثائر في هذا الكون كبيرة، ويتطلب ذلك منه أن يترفع عن كثير من حظوظه النفسية ومصالحه الشخصية، من أجل بلوغ غايات المجتمع والشعب والثورة وبناء الدولة، ولن يتحقق ذلك إلا بعُصبة مجتمعة موحدة تعيش لهدفها،وتتذلل لبعضها وتكون رحيمة فيما بينها وتضحي لأجل غايتها، ولا تلتفت إلى ما دونها كالتي وصفها ربنا بقوله " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " والإسهام في بناء هذا الصرح العظيم يتم فقط بسواعد المؤمنين المتكاتفين المتعاونين المتحابين المتذللين لبعضهم الرحماء فيما بينهم وفي الصحيح " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ".
وجوب السعي إلى توحيد الصف
يجب على كل واحد منا يشعر بالمسؤولية أمام الله في هذه الأمة المنكوبة والشعب المكلوم المظلوم والتي شُلِّت نهضتُها بتفرقها واختلاف كلمتها، حتى تكالبت عليها الأعداء، أن يسعى حسب طاقته إلى توحيد الصف إذ لا يمكن القيام بأي مشروع من استرداد حق من حقوقها ومن نيل حريتها وكرامتها ونصر ثورتها وبناء دولتها إلا بتوحيد الصف، وهو شرط لنجاح أي عمل، ولهذا فإن معظم الواجبات فرضت في المدينة المنورة كالجهاد والصوم لتكوُّن جماعة موحدة قادرة على حمل تلك الواجبات، في حين أنهم لما كانوا بمكة كان يقال لهم " كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فكما أن توحيد الصف واجب كذلك السعي إليه واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والوسائل لها حكم الغايات، والله أمرنا بالسعي إليه في كتابه بقوله " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" فالأُخوَّة الإيمانية إن تحققت تمنع أن يكون بين الأخوين في الإيمان تنافر لأن ذلك ينافي مقتضى الإيمان الذي اتصفوا به دون الناس والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذهب بالأخوة الإيمانية إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر الأخ المؤمن بالنسبة للآخر جزءاً لا يتجزأ من جسده فقال النبي صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " فكما لا يعقل أن يكون الجسم الواحد مختلفا ومتنافرا فكذلك المفترض أن لا يكون بين المسلمين تنافر واختلاف، فـ " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ..." فمسؤولية المسلم والإنسان القائد والثائر في هذا الكون كبيرة، ويتطلب ذلك منه أن يترفع عن كثير من حظوظه النفسية ومصالحه الشخصية، من أجل بلوغ غايات المجتمع والشعب والثورة وبناء الدولة، ولن يتحقق ذلك إلا بعُصبة مجتمعة موحدة تعيش لهدفها،وتتذلل لبعضها وتكون رحيمة فيما بينها وتضحي لأجل غايتها، ولا تلتفت إلى ما دونها كالتي وصفها ربنا بقوله " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " والإسهام في بناء هذا الصرح العظيم يتم فقط بسواعد المؤمنين المتكاتفين المتعاونين المتحابين المتذللين لبعضهم الرحماء فيما بينهم وفي الصحيح " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ".
وعلى كل حال فإننا لن نحقق هدفاً كالنصر على هذا
النظام المجرم وميليشياته والعصابات الانفصالية والقاعدة وغيرها، ولن ننجز مشروعاً
في بناء المؤسسات الوطنية كمؤسسة الدفاع والمجالس المحلية والتعليم والصحة وغيرها
وندعم بذلك كله الجسم الكبير الجامع ألا وهو الحكومة السورية المؤقتة الحكومة
الشرعية الممثلة للشعب السوري الحر ولثورته الكريمة حتى نعطي لوحدة الصف والكلمة
وزنَها من الأهمية، ونؤمن بأن الانتصار على العدو المحتل منوط بها"إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان
مرصوص".
توحيد الصف في الثورة من أجل
وأوجب الواجبات
فتوحيد الصف وإن كان واجباً ومُهماً في كل الميادين
إلا أنه في الجهاد وفي ثورتنا أهم وأوجب، لأن حاجة ملحة للمسلمين وإلى تقويتهم
وتكثير سوادهم بكل ما يخيف الأعداء ويرهبهم في هذه الظروف وفي هذه المرحلة "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان
مرصوص". وقوة المسلمين
إنما تكمن في الوحدة والجهاد ومقارعة الأعداء،وترك الشقاق والفرقة والنفاق ، ولا
تحفظ بيضتهم ولا تصان كرامتهم إلا بالجهاد، وعليه يتوجب على الجميع أن يصرفوا
جهودهم من أجل توحيد صفهم ماأمكنهم إلى ذلك سبيلا . وذلك لما يتطلبه الجهاد والثورة السورية من استنفاذ كل
الطاقات حفاظاً على بيضة المسلمين وكرامتهم "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون
به عدو الله وعدوكم ".
إذن يجب
علينا أن لا نَدَعُ أحداً بأن يكون سبباً في تفريق الصف وتقطيع أوصال بلدنا وتفريق
شعبنا ومجتمعنا ويزيد من معاناته ويدمر مقدراته ويهدم بمعول التفرق والاقتتال
الداخلي ثورتنا ويقضي على تضحيات شعبنا ويُذهب دماء شهدائنا سدى.
إن أرضنا تستباح وتحتل، وأعراضنا تنتهك وتقتل ،
والخيارات المتاحة أمامنا تضيق يوما بعد يوم، فنحن
بين مفترق الطرق، فإما أن نوحد صفوفنا ثم نواجه أعداءنا بكل ما نملك ورغم قلة
الحيلة والإمكانات فيكون النصر حليفنا بإذن الله بعد تجمعنا واعتصامنا به ، وإما
أن نبقى على هذه الحالة من التفرق والاختلاف حتى يجمعنا العدو في السجن كالأغنام
في حظيرتها، أوكلأموات في مقابرها.
الهدف من الثورة والجهاد والتضحيات لن تتحقق مع
تفرق الكلمة والصف، ولا يخفى على أحد ما تعاني منه ساحة الجهاد والثورة في سورية
من انقسامات في الوقت الذي ترزح البلاد تحت الاحتلال الإيراني والروسي والأمريكي
وغيره وتسانده على الاحتلال جميع قوى الشر، فإذا سارت الأمور على هذا النحو من
تجمع الأعداء علينا وتفرقِ كلمتنا يوشك أن تُمحى سورية وأهل السنة على وجه الخصوص
من الخارطة الجغرافية ومن الخارطة الإسلامية ، وتكون جزءاً من الأراضي الصليبية
والمجوسية الفارسية عندئذ سنندم في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مناص، وذلك
نتيجة حتمية للتفرق وقد حذر منها ربنا جل وعلا في القرآن الكريم "
ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "والهدف من هذه الثورة السورية هي رفع الظلم عن العباد
والتخلص من العبودية ونيل الحرية والعدالة والكرامة وجمع الكلمة ووحدة الأمة وبناء
سورية على أسس قوية تجعل منها الدولة النموذج الرائع والرائد بين الأمم والنمودج
الذي يحقق الرضا التام لكل فئات المجتمع.
إذن فثورتنا وجهادنا مع تفرق الكلمة لن يؤدي إلا
إلى هزيمة ولن تجني منه الأمة غير خسائر في النفوس من إراقة الدماء وإضاعة الأموال
وتدمير البلد، وبهذا تكون الحصيلة من الجهاد على هذه الحال إعطاء الفرصة للأعداء
مرة أخرى وإلى زمن طويل آخر .
تعليقات
إرسال تعليق